-A +A
? محمد المالكي (هروب)
لم يجد سكان قرية الخليلة بمحافظة هروب شرق منطقة جازان حلا لمعاناتهم مع الشركة المنفذة لطريق جبل القفارة سوى حمل أمتعتهم ومؤنهم واحتياجاتهم المنزلية على أكتافهم والسير بها لمسافة (3 كلم) للوصول إلى منازلهم بعد أن تقطعت بهم السبل وأضحوا بلا طريق يربط قراهم بالمدن المجاورة.
ويستيقظ الأهالي صباح كل يوم على (موال) الصخور المتساقطة والأتربة المتصاعدة في الجبل مخلفة وراءها دمارا هائلا في الممتلكات والمزارع دون نتيجة تذكر لفتح الطريق ولم تجد صرخاتهم ومطالباتهم المستمرة نفعا في إيجاد حل لمعاناتهم مع الشركة المنفذة وإدارة الطرق بجازان التي لم تستمع لشكواهم، فهم محاصرون ومجبرون على ملازمة منازلهم منذ أكثر من عام ونصف العام، ويعيشون العزلة عن بقية قرى المحافظة وخارج جميع نطاق الخدمات.

(عكاظ) اتجهت لجبل القفارة بهروب للوقوف على حقيقة المشكلة، حيث أكد علي محمد الهروبي أن قرية الخليلة بهروب للأسف تغرد خارج السرب بعد أن جعلت الشركة المنفذة للطريق كل شيء مستحيلا، فتوقفت الخدمات وتعثرت المشاريع وأصبح الأهالي في حيرة من أمرهم بعد أن وقفت الدوائر الحكومية عاجزة عن حل مشكلتهم مع الطريق والشركة المنفذة، التي سحقت مزارعهم بالكامل وأصبحت أثرا بعد عين، ومع ذلك لا يزال الأهالي يتسلقون الجبال للوصول إلى منازلهم في مشهد درامي قلما تجده في أي مكان بالعالم - على حد وصفه.
وشاطره الحزن علي جابر الهروبي، مضيفا أن مزرعته كانت هي الدخل الوحيد لأسرته ويبيع منتجاتها كالبن والموز والرمان والأشجار العطرية ولكنها تبددت ولم يعد لها أثر بعدما أجهزت عليها الشركة ودمرتها بالكامل، مشيرا إلى أن أعمدة الكهرباء هي الأخرى لم تسلم من الدمار والأذى وتحطم بعضها، كما طمرت الأتربة والصخور أجزاء منها، مما جعل التيار الكهربائي ينقطع لأيام عديدة ويعيش الأهالي في ظلام دامس.
وأشار جابر الهروبي إلى أن مرضى الضغط والسكري يعيشون قصة أخرى، حيث إن حقن السكر لا يستطيعون الحصول عليها وأحيانا تصلهم متأخرة، في وقت لا يستطيعون نقل مرضاهم للمستشفى سوى بحملهم على الأكتاف.
وبين أن المستشفى الوحيد يبعد عنهم أكثر من (90 كلم) رغم مطالباتهم بفتح مركز صحي لإسعاف الحالات التي لا تحتمل التأخير، ولكن دون جدوى، مشيرا إلى أن كبار السن والعاجزين يظلون في منازلهم لأشهر عديدة ولا يستطيعون الخروج والتواصل مع ذويهم بسبب عدم وجود طريق يسهل تنقلهم على المركبات ذات الدفع الرباعي لأنها الوحيدة القادرة على السير في الجبل.
وذكر يحيى الهروبي أن أبناءه ينقطعون عن الدراسة لفترة تصل لعشرة أيام متتالية بسبب انقطاع الطريق، خاصة وقت هطول الأمطار، مطالبا الجهات المسؤولة بالتدخل وحل معاناتهم مع الطريق في أسرع وقت.
من جانبه أوضح وكيل محافظة هروب والناطق الإعلامي للمحافظة محمد الجعفري أن المشروع تم على مرحلتين، الأولى كانت باستلام إحدى الشركات التي أحدثت مشاكل بسبب عدم احترامها حرمة الموتى وانتشالها القبور مهمشة جميع التوجيهات والشكاوى ضدها، ثم بعدها تم إيقافها بسبب عدم التزامها بالمهنية والعمل من قبل إدارة الطرق.
وفي المرحلة الثانية قبل عام استلمت شركة أخرى المشروع مسببة دمارا لقرية الخليلة بمواطنيها والمنازل والمزارع دون مبالاة وقام مركز هروب بدوره برفع خطاب إلى إدارة الطرق ولكن دون تجاوب أيضا من الإدارة وتمت مخاطبة محافظة العيدابي كون مركز هروب تابعا لها في السابق وعقدت اجتماعات عدة لمناقشة هذا التهديد لقرية الخليلة والرفع بذلك للإمارة.
وأضاف: الشركة تتوجه الآن إلى قمة جبل نعمة الذي هو من أفضل القمم السياحية في منطقة جازان لوجود التنوع النباتي والأودية المحيطة والجميع متخوف من هذه الشركة عدوة البيئة، وبالرغم من الاتفاق معهم لنقل الدمار ومخلفات المشروع إلى الجهة الأخرى بوادي قصي لوجود مساحة شاسعة، ولا يوجد حولها منازل ومزارع إلا أن الشركة أيضا لم تتجاوب وذلك أرغمنا على توجيه معدة (بلدوزر) نهاية كل يوم لتنظيف الطرق من الصخور لمدة 6 ساعات تبدأ من السادسة مساء بمساعدة المواطنين ولكن المشكلة تتفاقم كل يوم بشكل أكبر ولا نستطيع حل هذه المشكلة بسبب عدم تجاوب إدارة الطرق بالمنطقة.